البعث الديمقراطي:
في بيانٍ له بمناسبة الذكرى 52 لانقلاب 13 تشرين2 1970:
• في 13 تشرين2 / نوفمبر عام 1970 قاد حافظ أسد انقلاباً على قيادة وسلطة حركة 23 شباط 1966، ونهجها الوطني التقدمي، واعتقل القيادات الحزبية التي رفضت انقلابه أو التعاون معه.
• أقام الانقلاب نظاماً استبدادياً فردياً يرتكز على شبكة من الأجهزة الأمنية، وحوّل مؤسسات الدولة، والمنظمات الشعبية، والحزبية إلى هياكل فارغة.
• تلاقى مع انقلاب السادات على النهج الناصري في مصر، وشكّل الانقلابان ردة يمينية، شملت جميع المجالات وأتاحت للأنظمة الرجعية الهيمنة على النظام العربي وقيادته مما قاد إلى نتائج شديدة الخطورة على القضايا العربية الأساسية، ومهد الطريق للكوارث الحالية في سورية وعدد من الأقطار العربية.
• الحل السياسي وفق القرار 2254 هو الطريق للخروج من الكارثة التي تعيشها سورية اليوم، وهذا يتطلب توافقاً وطنيّاً على وقف الحرب، وإخراج جميع الغرباء، والحفاظ على وحدة البلاد وطناً وشعباً ودولة، والانتقال إلى نظام وطني ديمقراطي.
وفيما يلي نص البيان:
حزب البعث الديمقراطي الاشتراكي العربي
اللجنة المركزية القومية
بيان
بمناسبة الذكرى الثانية والخمسين لانقلاب 13 تشرين الثاني 1970 في سورية
في الثالث عشر من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1970 قاد حافظ الأسد انقلاباً على قيادة وسلطة حركة 23 شباط، ونهجها الوطني التقدمي والذي اعتمد حرب التحرير الشعبية وسيلة للتحرير، وقد تبعه بأشهر وتلاقى معه انقلاب أنور السادات على النهج الناصري في مصر، وشكّل الانقلابان ردة يمينية، شملت جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.. ممّا أدّى إلى تردّي الأوضاع في سورية ومصر، وقد ترك ذلك كلّه انعكاسات سلبية على معظم الأقطار العربية، وبدأ التراجع والارتداد عن مقررات المؤتمرات الحزبية، وعن التوجهات والأهداف التقدمية للنضال العربي، وفسح الطريق ومهّدها للكوارث التي تعيشها سورية في هذه الأيام.. كما راهن المرتدون على التضامن العربي الموهوم مع الأنظمة الرجعية النفطية، ممّا أتاح لها الهيمنة على النظام العربي، وقيادته على امتداد خمسة عقود، جرى خلالها اتخاذ خطوات تراجعية استسلامية، شديدة الخطورة على الصراع العربي-الصهيوني، كان أهمها: توقيع اتفاقيات فصل القوات على الجبهتين المصرية والسورية، وتوقيع اتفاقيات كامب ديفيد، ووادي عربة، وضرب وتصفية المقاومة الفلسطينية في لبنان، وترحيلها منه، وتشتيتها، ممّا أوصلها إلى اتفاق أوسلو.. وصولاً الى استجداء (السلام) الخانع مع العدو الصهيوني في قمة بيروت سنة 2002 من خلال (مبادرة السلام) الاستسلامية، التي أكّدت استعداد الحكام العرب على الاعتراف بالكيان الصهيوني الغاصب، وما تبع ذلك من غزوٍ للعراق واحتلاله، وعقد اتفاقيات تطبيع وتحالفات مع الكيان الصهيوني، مما مهّد عمليّاً لطرح صفقة القرن التي استهدفت قضايا الأمة بكاملها، فازدهر التطبيع مع العدوّ دون خجل أو حياء.
لقد أقدم حافظ الأسد من الساعات الأولى، على اعتقال القيادات الحزبية التي رفضت انقلابه، أو التعاون معه، ولاحقاً شملت الاعتقالات أطرافاً اخرى، سبق أن تحالفت معه انخداعاً بشعاراته، أو طمعاً بمكاسب سلطوية، فأقام نظاماً استبدادياً فردياً مموّلاً من السعودية، يعتمد على شبكة من الأجهزة الأمنية، وأطلق لها العنان، وجعلها غير خاضعة لأيّ قانون أو محاسبة، إلا محاسبته الشخصية، وتحوّلت مؤسسات الدولة، والمنظمات الشعبية، والحزبية إلى هياكل فارغة، تردد الشعارات الكبيرة لترتكب خلفها الأعمال التي تسيء لغاياتها الوطنية والقومية… وفي هذا السياق، وفي المجال الداخلي تم التراجع عن السياسات الهادفة لبناء دولة قوية، ذات مؤسسات وطنية، تلتزم بتأمين مقومات الصمود والمواجهة مع العدو من جهة، وتكفل تامين حياة كريمة لأبناء الشعب من جهة ثانية، فنمت في ظلّها وبرعايتها وحمايتها فئات طفيلية. وكانت النتيجة سرقة، ونهب خيرات البلاد، وتدمير اقتصادها، وتدهور المستوى المعيشي للطبقات الشعبية، وارتفاع كبير لمستويات الفقر.
وتلا ذلك، مجابهة الانتفاضة الشعبية في آذار 2012 بالحل الأمني – العسكري، ممّا خلق الأجواء للجوئها إلى حمل السلاح، وتطييفها، واحتوائها من قِبَل قوى رجعية داخلية، ودول خليجية وإقليمية، ودولية، وفتح الأبواب للإرهاب الدولي، ودخلت سورية في أتون صراعات مسلحة بين قوى النظام السوري وحلفائه، وبين الفصائل والجماعات المسلحة، والإرهابية التابعة لتركيا والتي تحتل الشمال السوري، أو الفصائل المتواجدة في شرق الفرات بحماية أمريكية.. وعلى الرغم من مساعي الأم المتحدة ومندوبيها، إلّا أنّ عدم توفّر إرادة الحل السياسي لدى طرفي الصراع، ووجود معارضة مفككة، وتبعيّة معظمها للخارج، وفساد قادتها، وعدم توفّر تفاهم دولي لإجرائه، أوصل مسار جنيف ولجنته الدستورية إلى الطريق المسدود، وأبقى مسار الأستنا مفتوحاً بشكل جزئي، وستجتمع أطرافه هذا الشهر .
وممّا فاقم المأساة السورية، صدور قانون قيصر القاضي بفرض حصار جائر وظالم على سورية، انكوى الشعب السوري بلظاه، وخاصة في ظلّ الفساد المخيم على القطر السوري، وهكذا يعيش شعبنا اليوم أهوال هذه المأساة التي بددت طاقاته البشرية والمادية، ونزوح وهجرة نصف سكانه، وبروز أباطرة الحرب وأمرائها، وإلى تعميم الجوع والفقر والعوز، ولم يتبقَّ فيها لعامة الشعب ما يمكنهم من تأمين الحد الأدنى من مقومات العيش. وفي الوقت نفسه، فإنّ الحرب المجنونة التي عاشتها سورية، والتدخلات الخارجية، واحتلال الأرض السورية، وخاصة في الشمال السوري، وشرق الفرات، وتوافد الإرهاب من عشرات الدول، كلّ هذا، جعل المأساة السورية أسيرة التوافقات الدولية والاقليمية… وعلى الرغم من مساعي وجهود الجزائر الشقيقة لاستنهاض الوضع العربي، ومعالجة قضاياه، غير أنّ مؤتمر القمة العربية الأخير استنسخ مؤتمر قمة بيروت عام 2002، ولم يأتِ بجديد سوى تشكيل لجنة الحكماء برئاسة الجزائر بمهمة معالجة مشاكل الأمة العربية في العام القادم.
وأخيراً، فإنّ حزب البعث الديمقراطي الاشتراكي العربي يرى : أنّ طريق الخروج الصائب من الكارثة التي تعيشها سورية اليوم، لا يمكن أن يكون إلا عبر حل سياسي، بالاستناد إلى قرار مجلس الأمن 2254 لعام 2015 التي أعلنت كل من السلطة والمعارضة الموافقة عليه، وهذا يتطلب، وبإلحاح، توافقاً وطنيّاً على رفض الحرب ووقفها، وإخراج كلّ الغرباء عن الأرض السورية، وتلاحم كل الوطنيين المخلصين السوريين للنضال السلمي على طريق إجراء التغيير الوطني الديمقراطي الشامل، والمحافظة على وحدة سورية أرضاً، وشعباً وسيادة، وتحرير أراضيها المحتلة، وطرد وتصفية الإرهاب في ربوعها، وإعادة الإعمار، ولمّ شمل الشعب السوري، ووضع دستور علماني، وسنّ قوانين تضمن الحرية، والديمقراطية، والعدالة، واحترام حقوق الانسان، وكرامته ، والالتزام الشديد بتنفيذها ..
في: 13 / 11 / 2022.
اللجنة المركزية القومية